يا حكومة “أخنوش” افتحواْ حواراً جادّاً مع الشباب واجعلوه كأداة للبناء وليس التخريب
ما وقع من احتجاجات يعني شيئا واحدا هو فشل الحكومة والأحزاب السياسية في الوصول بالفئات الهشة من الشعب المغربي، إلى عدالة اجتماعية واقتصادية وسياسية، لا تجعل المغرب يسير بسرعتين
هلا بريس
كان جلالة الملك يعرف جيّداً بأنّ المغرب الذي يحكمه، يسير بسرعتين، وأشار إلى ذلك في خطابه الأخير لعيد العرش 2025م وتطرق فيه لمعاناة فئة عريضة من الشعب المغربي حيث قال عنهم« هناك سكان خصوصا بالعالم القروي، يعانون من مظاهر الفقر والهشاشة؛ بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية وتحقيق العدالة المجالية، فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين.
وأضاف جلالته: «حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية، لذلك ندعو إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة، وهدفنا أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء”.
وأثبتت مختلف الاحتجاجات التي عرفتها المدن المغربية وخصوصا خرجة جيل z بأنّه بالفعل قد حان وقت التغيير وتدارك مختلف الاختلالات المجالية وتقريب الخدمات الطبية والعلاجية والحرص على أنْ تكون متاحة للجميع؛ لأنّ الصحة في المغرب والعلاج الطبي يكلف غاليا المغاربة أثناء توجههم نحو المصحات التجارية وأيضا توفير التعليم الجاد؛ لأنّه يفاقم هو الأخر من أزمات الأسر المغربية التي تجد نفسها مرغمة أمام حجم الاختلالات التي تعيشها المدرسة العمومية، التوجه نحو القطاع الخاص الذي يفرض أثمنة غالية ليست في متناول الجميع .
ما وقع خلال هذه الأيام من احتجاجات يعني شيئاً واحداً هو فشل الحكومة والأحزاب السياسية في الوصول بالفئات الهشة من الشعب المغربي، إلى عدالة اجتماعية واقتصادية وسياسية .
وقد سبق لجلالة الملك، أنْ عبّر في إحدى خطاباته عن عدم رضاه عن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، وأرجع ذلك بالأساس، إلى ضعف العمل المشترك وغياب البعد الوطني والإستراتيجي والتنافر بدل التناسق والالتقائية ، والتبخيس والتماطل، بدل المبادرة والعمل الملموس.
يا حكومة أخنوش، افتحواْ حواراً جادّاً مع الشباب وانصتواْ إليه وإلى ما يكابده ويعانيه في صمت؛ لأنّ مغرب اليوم 2025م ليس كمغرب الأمس ويفرض على الحكومة، أن تضع قضيتهم كأولوية ضرورية هذا إذا أرادت (هذه الحكومة) أن تجتاز حاضرها بأمان نحو مستقبل مغرب أفضل، لا يسير حقّا بسرعتين، وإلاّ فإنّهم سيحاولون تكسير القيود المفروضة ومؤشرات ذلك بدأت، ولا نريدها أن تستمر، لا تتجاهلوا قضية الشباب، اجعلوهم في صلب الاهتمامات، ويكونواْ الأداة لبناء المغرب بدل أن يتم استغلالهم في جبهات خاطئة، تضر البلاد والعباد.
واختتم كلمتي بالتساؤل الذي طرحه العاهل المغربي في إحدى خطاباته الأخيرة حيث قال جلالته: «إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ لكل هؤلاء أقول:« كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإمّا أن تنسحبوا، فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون»